مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، نرى كيف يكون تأثير عالم الرياضة على السياسة بشكل واضح، حيث يقوم عدد من الرياضيين والشخصيات الرياضية بدعم مرشح معين، كا “دونالد ترامب” على سبيل المثال. هذا الربط بين الرياضة والسياسة ليس بالأمر الجديد، بل يمثل جزءًا من القوة الناعمة التي تستخدمها الدول للتأثير على الساحة الدولية.
تسعى الدول دائمًا لتسليط الضوء على هويتها وتعزيز علاقاتها الخارجية، من خلال إظهار البطولات الرياضية الكبرى، كمنصات مثالية لتحقيق هذه الأهداف.
فالرياضة ليست مجرد لعبة، بل هي وسيلة فعالة للتواصل وبناء جسور بين الشعوب المختلفة، وأحيانًا تستخدم لتحقيق أهداف سياسية دون الحاجة لاستخدام القوة العسكرية.
في هذا المقال، سنتناول كيف تُسهم الرياضة في تشكيل المشهد السياسي العالمي، بل والتأثير علي بعض الشرائح المهتمة بالرياضة، وتعزز من نفوذ الافراد والدول، ومدى قدرتهم على استخدام هذه الأداة في التأثير على الأحداث الجارية.
نستعرض أمثلة حية على ذلك، وكيف يمكن للرياضة أن تكون جسرًا للتغيير والإلهام في الساحة السياسية، مما يجعل الشباب والمجتمعات أكثر ارتباطًا بما يحدث في العالم.
كيف استفاد ترامب من الرياضة؟
استخدم ترامب الرياضة كأداة لترويج سياساته، مثل دعم فرق معينة، وذلك جزءاً من استراتيجيته للوصول إلى القاعدة الشعبية المهتمة بالرياضة، وما أكثرهم. حيث أظهر دعمه للعديد من الفرق الرياضية الأمريكية في مختلف البطولات، مما ساهم في تعزيز صورته كزعيم يحترم الرياضة.
كما استطاع ترامب الاستفادة من الرياضة واستطاع التأثير عليها، حيث رعى عدة فعاليات رياضية وأبدى دعماً للرياضة المحلية.
كما استثمر في عدة مشاريع رياضية، وبرز كداعم رئيسي لرياضة المصارعة الحرة، حيث امتلك حصة في شركة “WWE” وشارك في العديد من أحداثها.
وفي الانتخابات الأمريكية الحالية، نرى دعماً كبيراً من عدد من الرياضيين المشهورين لــ “ترامب”؛ على سبيل المثال، صعد المصارع السابق “هالك هوغان”، على خشبة المسرح في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري لدعمه، وخلع سترته وقميصه ليكشف عن قميص عضلي يحمل صورة ترامب.
ولم يكن “هوغان” الأخير، فقد حصل ترامب أيضاً على دعم مؤسس شركة ” Barstool Sports”، “ديف بورتنوي”.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ إذ اختار “ترامب” “ليندا مكماهون”، زوجة أيقونة المصارعة الحرة “فينس مكماهون”، للمشاركة في فريقه الانتقالي داخل البيت الأبيض إذا فاز في الانتخابات الرئاسية.
جدير بالذكر أن “ليندا” كانت المدير التنفيذي لمؤسسة المصارعة العالمية الترفيهية “WWE”، في حين يعد زوجها “مكماهون” من كبار منظمي بطولات المصارعة الحرة.
تأثير أولمبياد بكين على إظهار الصين
لم تكن أولمبياد بكين حدثًا رياضيًا فحسب، بل كانت منصة لعرض التقدم الاقتصادي والتكنولوجي الذي وصلت إليه الصين. لم يكن الهدف من تنظيمها تحقيق النجاح الرياضي، بل أن تُظهر للعالم قوتها كقوة عظمى.
وقد نجح الرياضيون الصينيون في تلك الأولمبياد في إظهار مدى تقدمهم الرياضي ومنافسة أقوى الفرق، كما ساعدت الأولمبياد الصين في تعزيز السياحة، وزيادة التبادل الثقافي.
استثمرت الصين مليارات الدولارات في البنية التحتية والمرافق الرياضية، مما ساهم في خلق بيئة متقدمة لاستضافة الفعاليات العالمية.
كأس العالم قطر 2022
ويعد كأس العالم ،2022 الحدث الرياضي الأضخم في منطقة الشرق الأوسط، حيث استطاعت قطر الفوز بتنظيم البطولة، وهي الدولة العربية الوحيدة التي حققت هذا الإنجاز على مر التاريخ.
مثل كأس العالم فرصة لقطر لإظهار تقدمها وقدرتها على مواجهة التحديات العديدة التي واجهتها في التحضير للبطولة أو بعد بدايتها، واستخدام البطولة في تنمية السياحة والترويج لها وخلق فرص عمل جديدة.
هذه الأحداث الكبيرة أيضًا، ساعدت على تحسين الصورة الذهنية لقطر، وتعزيز مكانتها كدولة رائدة في مجال الرياضة في الشرق الأوسط، كما أن الاستثمار في البنية التحتية، مثل الملاعب الحديثة والفنادق، يعكس التزام قطر بتطوير قطاع الرياضة.
في الختام، يتضح لنا كيف استفاد بعض الأشخاص مثل ترامب والدول مثل الصين وقطر من الأحداث الرياضية المقامة في بلدانهم، وكيف حققوا مكاسب منها.
إن تأثير الرياضة أعمق بكثير من كونها مجرد نشاط ترفيهي، فهي أداة استراتيجية يمكن أن تعزز القوة الناعمة للدول وتؤثر في العلاقات الدولية، من خلال استغلال البطولات الكبرى، تستطيع الدول تعزيز صورتها وإظهار تقدمها وتطورها وخلق وتعميق علاقاتها السياسية مع الآخرين، إن الفهم العميق لهذا الرابط بين الرياضة والسياسة يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للتفكير في كيفية تأثير الأحداث الرياضية على المشهد السياسي العالمي، بالتالي يُعدّ التفاعل بين السياسة والرياضة ظاهرة متزايدة الأهمية في عالمنا المعاصر.