تحقيق خاص –تدقيق
في الوقت الذي يُعلن فيه عن استمرار إغلاق المجال الجوي للاحتلال الإسرائيلي بسبب التهديدات الإيرانية، تظهر مشاهد جديدة تُسلّط الضوء على ما تصفه الحكومة الإسرائيلية بـ”رحلات الإنقاذ” – وهي عملية منظمة تُعيد إسرائيليين عالقين في الخارج، خاصة في أوروبا، إلى الداخل الفلسطيني المحتل، من خلال مسارات سرية وتنسيقات متعددة الجنسيات، أبرزها عبر الأراضي المصرية.
الطريق البديل: من اليونان إلى مطار طابا
في ظل إغلاق مطار بن غوريون أمام الرحلات القادمة من الخارج، لجأت الحكومة الإسرائيلية إلى تشغيل رحلات جوية عبر شركات خاصة، من أبرزها شركة Bluebird Airways، التي تسير رحلات متعددة من مدن يونانية مختلفة إلى مطار طابا المصري، القريب من الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
لماذا اليونان؟
اليونان تعد حليفًا استراتيجيًا للاحتلال، وقد تحولت في السنوات الأخيرة إلى نقطة ارتكاز لوجستي في التعاون العسكري والأمني بين الطرفين. وبفضل هذا التحالف، استطاعت إسرائيل تشغيل عدد من الرحلات “غير المباشرة” دون إثارة الجدل.
لا تصوير.. لكن الحقيقة تظهر
وفق ما ظهر في تسجيلات مصوّرة نُشرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي من قبل ركاب إسرائيليين، فإن طواقم الطيران كانت تطلب منع التصوير داخل الطائرة أو أثناء الهبوط في طابا، وهو ما يعكس حساسية العملية وتنسيقها الأمني. ورغم ذلك، خالف عدد من الركاب هذه التعليمات ونشروا مقاطع تُوثّق سير العملية، ما كشف الستار عن هذه المنظومة شبه السرية.
التنسيق مع الأمن المصري
بمجرد وصولهم إلى مطار طابا، يُنقل الإسرائيليون بالحافلات عبر قافلات مُنظمة، يقودها في الغالب سائق درزي صهيوني يتقن العربية، لتسهيل التفاهم مع السلطات الأمنية المصرية.
وتُرافق الحافلات مركبات للشرطة المصرية، في حماية مشددة، وسط مخاوف من “استهداف” الحافلات من قبل ما وصفه الإسرائيليون أنفسهم بـ”جماعات محلية متطرفة” – في إشارة إلى الغضب الشعبي المتزايد من التطبيع المصري الإسرائيلي، خصوصًا في ظل المجازر الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني في غزة وجنوب لبنان.
عبور نحو الداخل المحتل
بعد عبور الحافلات من طابا إلى معبر “إيلات” (أم الرشراش المحتلة)، يتم إدخال الركاب بسرعة إلى الداخل المحتل، وسط إجراءات أمنية مُحكمة على الجانبين المصري والإسرائيلي، في واحدة من أكثر العمليات حساسية وتنسيقًا خلال الحرب.
مصر والتنسيق المحرج
يبقى الدور المصري في هذه العمليات محاطًا بهالة من التكتم الرسمي، رغم وضوح الدور اللوجستي والأمني في تسهيل مرور الإسرائيليين إلى الداخل المحتل. ويطرح ذلك تساؤلات ملحة حول حدود التعاون الأمني المصري الإسرائيلي، خاصة في ظل تصاعد السخط الشعبي المصري على العدوان المستمر ضد غزة.